شروط الحفاظ على الصحة

تعيش المجتمعات حاليا أزمة صحية خانقة وخاصة في المدن
الكبرى، أين تكثـر الآفات الاجتماعية والأوساخ والقمامات وانتشار الغازات السامة
والإشعاعات والمواد الكيماوية والضجيج.. وغيرها من العوامل السلبية التي تدمّر
الإنسان ببطء.
إن الفرد مطلوب بالاعتناء بصحته وتوفير كل الشروط الضرورية لها
حتى تبقى في أرقى مستوى لها. فالحفاظ على الصحة مرهون بمجموعة من القواعد الأساسية
والبسيطة التي تتمثل في سلوكات الفرد يوميا فيما يخص تغذيته ومعيشته ومحيطه وتعامله
واندماجه في المجتمع. إن المحيط الذي يعيش فيه الإنسان عامل أساسي في الصحة، فكلما
كان هذا المحيط نظيفا ونقيا ومناسبا اجتماعيا ومناخيا كلما تمتع الفرد بصحة أحسن
وأفضل ولمدة أطول. المجتمعات حاليا تعيش في أزمة صحية خانقة وخاصة في المدن الكبرى،
أين تكثر الآفات الاجتماعية والأوساخ والقمامات وانتشار الغازات السامة والإشعاعات
والمواد الكيماوية والضجيج.. وغيرها من العوامل السلبية التي تدمّر الإنسان ببطء.
الكثير من البلدان عبر العالم مازالت تتخلص من قماماتها بالحرق، رغم أن المعروف أن
هذه الطريقة هي مصدر كل السموم الهدامة التي تدمّر كلا من الإنسان والحيوان والنبات
مرة واحدة ودون تمييز، إضافة إلى الغازات المنبعثة من محركات السيارات أكثر من
200000 سيارة في كل عام، زيادة على السيارات القديمة التي تعود بعضها إلى سنوات
الخمسينيات والستينيات، إضافة إلى عدد الحافلات الذي فاق المعقول والشاحنات التي
احتلت الأحياء وغيرها كالمصانع... الخ. إلى جانب هذه الغازات التي لوثت الهواء الذي
نتنفسه، هناك الإشعاعات التي تغزو الإنسان يوميا عبر التلفزيون والكومبيوتر والهاتف
النقال والهوائيات، إضافة إلى الفحوصات الإشعاعية وغيرها، وما يتناوله الإنسان من
أدوية في عصرنا هذا، أين أصبح الدواء جزءا لا يتجزّأ مما يتناوله الإنسان يوميا
(استوردت الجزائر ما يقارب مليارا و800 مليون دولار من الدواء سنة 2007) وقد ارتفع
استيراد الدواء بـ20 إلى 30% كل سنة. في فرنسا كانت قيمة الدواء المستهلك في سنة
1980 حوالي 5000 مليون أورو، بينما بلغت في سنة 2006 ما يقارب 32000 مليون أورو.
وهذا ليس في صالح الإنسان.
أخيرا، يخضع الإنسان يوميا من جهة أخرى إلى المضايقات
والضغوطات، والتي هي أكثر أسباب الأمراض المنتشرة حاليا عبر العالم كالاضطرابات
النفسية، الانهيارات العصبية، العصاب.. الخ، مع الاكتظاظ والضجيج اللذين يدمران
الأخلاق والصحة في آن واحد. ثم لا ننسى طبعا التغذية والوجبات الغذائية اليومية
التي فقدت طبيعتها وأصبحت لا تناسب طبيعة الإنسان ولا بُنيته ولا وظائفه سواء في
طريقة تقديمها أو تحضيرها، في ظروف غالبا ما تكون معرّضة للتلوث والتسمم، وحتى
طريقة تناولها في كثير من الأحيان تكون دون أدنى شروط النظافة، ومكوناتها بعيدة كل
البعد عن التوازن المطلوب كميا ونوعيا ثم السرعة في الأكل..الخ.
الإنسان بحاجة
إلى تغذية منظمة ومدروسة وبتمييز بعض أنواع الأكل عن أخرى، بإعطاء الأولوية للخضر
الطازجة والمطهية بجميع أصنافها ثم الأسماك، واللحوم البيضاء والبيض والفواكه
الطازجة والجافة والمكسرات وكذلك العجائن والأرز والزروع والحليب ومشتقاته. أما
اللحوم الحمراء والزيوت والأجبان والزبدة والحلويات المنزلية والمربى.... فالقليل
منها يكفي. مع الامتناع كليا عن البطاطا المقلية، الحلويات التجارية، اللحوم
المملحة والسمينة والمراقي الدهنية والمايوناز...الخ.
والإنسان بحاجة أيضا إلى
الاعتناء بالمحيط الذي يعيش فيه؛ المنزل والحي وما جاورهما ومكان العمل بالتنظيف
الجيد والتهوية اللازمة والترتيب والتنظيم ومكافحة التلوث والتدخين. وكذلك بالنسبة
للنظافة الجسدية، غسل الأيدي قبل الأكل، الاستحمام مرتين أو ثلاثة في الأسبوع،
وممارسة الرياضة حسب السن، كالجري مثلا أو المشي بالنسبة للمتقدم في السن، ولو نصف
ساعة في كل يوم، دون أن ننسى النوم بالقدر الكافي وفي أوقات محددة؛ فسلامة العقل
تتطلب تفادي الضغوطات وتحديد هدف في الحياة والثقة في النفس والتفكير إيجابيا وحسن
إدارة الوقت، وعدم إرهاق النفس، وأخذ نصيب من الراحة والانشراح باستعادة قواه
وقدراته وهدوئه، وتفادي الخمول والكسل والإفراط في استعمال السيارة..الخ.
هكذا
قد نتوصل إلى تحقيق هدفنا المنشود ألا وهو الحفاظ على سلامة العقل والجسد والقضاء
على الأمراض التي تهددنا.

مشكور أخي[b]